بلد أهلكته الحرب.. عودة السوريين "بريق أمل" يصطدم بواقع مرير
ربما يأمل ملايين السوريين الفارين خارج بلدهم منذ عام 2022، في العودة إليه بعد سقوط نظام بشار الأسد، لكن من غير المُرجح أن يكون الأمر سهلًا، وفق ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وأوضحت المجلة أن البنية الأساسية للمياه والرعاية الصحية في سوريا مُدمرة، بسبب الحرب الأهلية منذ 2011، والزلازل التي ضربتها في عام 2023.
وقالت المجلة إن الانهيار المفاجئ لنظام الأسد يمنح بارقة أمل للسوريين في الخارج، ولكن محنة بلدهم المنهكة تعني أن العودة إلى الوطن لن تكون قرارًا سهلًا.
وأضافت أن العديد من السوريين بالخارج يخشون اندلاع القتال بين فصائل المعارضة المسلحة المختلفة، مما يشكل تهديدًا خاصًا للأقليات، كما أن البعض ليس لديهم منازل للعودة إليها.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن الوضع في سوريا يظل "أحد أكبر أزمات النزوح في العالم". وتقدر الوكالة أن عدد اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم بلغ نحو 6.4 مليون لاجئ في 2023، منهم 5.1 مليون يعيشون في دول مجاورة، مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا.
وغادر 7.2 مليون شخص آخرين منازلهم، ولكنهم ظلوا داخل البلاد. ورغم أن الإطاحة بالأسد ربما تشكل إشارة إلى حقبة جديدة في سوريا، فإن إعادة بناء البلاد سوف تستغرق الكثير من الوقت والمال.
وترى "بوليتيكو" أنه حال اختار اللاجئون في نهاية المطاف العودة، أو إذا قررت بلدانهم المضيفة إلغاء وضع الحماية الدولية الذي يتمتعون به، فسوف يجدون المزيد من الأنقاض أكثر من الفرص.
وأدت 13 عامًا من الحرب والزلازل القوية التي ضربت البلاد العام الماضي، إلى إفقار سوريا بشكل كبير، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 87% بين عامي 2011 و2021.
وفي وقت سابق من هذا العام، حذرت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، من أن "سوريا في خطر النسيان"، وأطلقت ناقوس الخطر بشأن تدهور الوضع الإنساني على الأرض.
بحسب الأمم المتحدة، يعاني 13 مليون شخص ـ أي أكثر من نصف سكان سوريا ـ من انعدام الأمن الغذائي. ويعيش نحو 96% من السكان على أقل من 7 دولارات في اليوم.
وأدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية الحيوية لسوريا، من الرعاية الصحية إلى شبكات الصرف الصحي والكهرباء. ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، فإن أكثر من 40 في المائة من المستشفيات لم تعد تعمل بكامل طاقتها في عام 2023.
ولا يزال توفير السكن الآمن والمستقر حلما بعيد المنال بالنسبة لملايين السكان، ناهيك عن العائدين. وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إلى تدمير ما لا يقل عن 328 ألف مسكن، في حين يفتقر 13.6 مليون من السكان إلى المياه النظيفة والنظافة والصرف الصحي.
وعلى الرغم من النداءات المتكررة من الأمم المتحدة، فإن الدعم من المجتمع الدولي لم يكن كافيًا، إذ تواجه سوريا عجزا في المساعدات الدولية قدره ثلاثة مليارات دولار هذا العام.
وكان الموقف الأوروبي الأولى في بداية الحرب 2011، بمثابة إشارة إلى التضامن مع المعارضة ضد الأسد. فقد قطع الاتحاد الأوروبي كل العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في عام 2012 ورحب بملايين السوريين الفارين من الحرب.
لكن أوروبا تحولت منذ ذلك الحين بشكل ملحوظ إلى اليمين فيما يتصل بقضية الهجرة، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الاتحاد الأوروبي، حيث حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة على منصات مناهضة الهجرة، وأصبحت القوى اليمينية أكثر نفوذا في بروكسل.
وأمس الاثنين، علقت النمسا وألمانيا وبلجيكا جميعها قراراتها بشأن طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بسبب حالة عدم اليقين السياسي. ورغم أن المفوضية الأوروبية لم تؤيد إعادة صياغة سوريا كدولة آمنة، فإنها لم تستبعد هذا الخيار أيضًا. فقد وعدت المفوضية الجديدة، بقيادة أورسولا فون دير لاين، التي تعتمد على أغلبية يمينية في البرلمان الأوروبي، باتخاذ إجراءات صارمة في التعامل مع قضية الهجرة.