بسبب تهديدات ماسك.. أوروبا تسابق الزمن لإيجاد بديل لـ"ستارلينك"

صرّح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، بأن "الجبهة الأوكرانية بأكملها ستنهار" إذا أوقف خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" في أوكرانيا، ما أثار أزمة دبلوماسية مع بولندا، التي تمول هذه الخدمة الحيوية.

وتعتمد أوكرانيا بشكل حاسم على خدمة "ستارلينك" للحفاظ على الاتصالات بعد تدمير روسيا لشبكات الإنترنت التقليدية بالبلاد، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أن نحو 42.000 محطة طرفية تستخدم حاليًا من قبل الجيش والمستشفيات والشركات والمنظمات الإغاثية الأوكرانية.

ودافع ماسك عن موقفه على منصة "إكس" قائلًا: "لقد تحديت بوتين شخصيًا للقتال المباشر من أجل أوكرانيا، ونظام ستارلينك الخاص بي هو العمود الفقري للجيش الأوكراني، جبهتهم بأكملها ستنهار إذا أوقفت تشغيله".

وأضاف: "ما يثير اشمئزازي هو سنوات من المذبحة في مأزق ستخسره أوكرانيا حتمًا".

وأثارت هذه التصريحات غضب بولندا، التي تدفع نحو 50 مليون دولار سنويًا مقابل اشتراكات "ستارلينك" لأوكرانيا.

ورد وزير الخارجية البولندي، رادوسواف سيكورسكي، بقوة قائلًا: "بغض النظر عن أخلاقيات تهديد ضحية العدوان، إذا أثبتت شركة سبيس إكس أنها مزود غير موثوق به، فسنضطر للبحث عن موردين آخرين".

وتصاعد التوتر مع تدخل وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الذي اتهم سيكورسكي بـ"اختلاق الأمور"، وذكّره: "قل شكرًا لأنه دون ستارلينك كانت أوكرانيا ستخسر هذه الحرب منذ فترة طويلة، ولكان الروس على الحدود مع بولندا الآن".

ورد "ماسك" بتأييد تعليقات روبيو، وفي رسالة منفصلة لسيكورسكي كتب: "اصمت، أيها الرجل الصغير، أنت تدفع جزءًا ضئيلًا من التكلفة، ولا يوجد بديل لستارلينك".

يأتي هذا الخلاف في ظل تحول جذري بالسياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وعلقت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية ومشاركة المعلومات الاستخباراتية مع كييف، الأسبوع الماضي، بعد اجتماع متوتر بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفقًا لصحيفة "ذا تليجراف".

وظهرت تقارير سابقة تفيد بأن إدارة ترامب هددت بقطع وصول أوكرانيا إلى خدمة "ستارلينك" إذا لم توافق كييف على صفقة تتعلق بالموارد المعدنية الحيوية، وهي التقارير التي نفاها ماسك في ذلك الوقت.

أوروبا تبحث عن بدائل

وتسعى أوروبا بشكل عاجل لإيجاد بدائل لخدمة "ستارلينك" تحسبًا لأي انقطاع محتمل، وتجري مفاوضات مع أربع شركات لملء الفراغ المحتمل.

وأعلنت شركة "يوتلسات" الإنجليزية-الفرنسية المنافسة، 4 مارس الجاري، أنها تعمل مع المؤسسات الأوروبية وشركاء الأعمال ولديها معدات جاهزة للنشر السريع لدعم البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا.

وتدير "يوتلسات" 35 قمرًا صناعيًا في المدار الثابت، وقد وسعت شبكتها في المدار الأرضي المنخفض إلى ما يصل 600 قمر صناعي بعد استحواذها على شركة "ون ويب" البريطانية في 2023، علمًا بأن التكنولوجيا المستخدمة مطابقة لتلك التي يستخدمها "ستارلينك".

يكشف هذا الوضع الدور المتزايد للشركات الخاصة في النزاعات الدولية، وكيف أصبحت قرارات رجل أعمال واحد تؤثر على مجريات صراع عالمي.

ويوفر نظام "ستارلينك" المملوك لماسك خدمة الإنترنت في 125 دولة حول العالم، ما يجعله لاعبًا أساسيًا في سوق الاتصالات الفضائية العالمية.

وتواجه الحكومات تحديًا متناميًا في اعتمادها على تكنولوجيا تسيطر عليها شركات خاصة، خاصة عندما يمتلك أصحابها مواقف سياسية قد تتعارض مع المصالح الوطنية للدول.

وفي ظل التغيرات السياسية بالولايات المتحدة والتحديات الجديدة، يظل مستقبل الدعم التكنولوجي لكييف غير واضح المعالم، إذ تظهر أزمة "ستارلينك" الحاجة الملحة لأوكرانيا وحلفائها إلى تطوير بدائل واستراتيجيات متنوعة لضمان استمرارية البنية التحتية الحيوية في ظل الظروف المتغيرة.

 

التعليقات