(1) إنت جاية هنا إشتغلي إيه؟
أتفهم تماما محاولة البنك المركزي في تحجيم الاستيراد و تعقيد الخطوات اللازمة للمستوردين في سبيل توفير العملات الأجنبية للوفاء بالتزامات مصر الدولية من سداد ديون و إستيراد وقود و مواد غذائية أساسية و أعلم تماما أن دور البنك المركزي هو إدارة أموال الدولة المصرية لتلبية الإحتياجات الواردة في الميزانية و لكن لا أفهم إطلاقا أن يكون البنك المركزي هو المسؤول الوحيد عن توفير العملة.
أين وزير الإستثمار؟ المطلوب منه أن يوفر فوراً المناخ المناسب للمستثمرين لإغرائهم بالإستثمار في مصر و نحن لا نري أي بارقة أمل لجذب المستثمرين فما زال هناك من يعتبر أن رجال الأعمال جشعين ولصوص ومن يعتبر الشركات الأجنبية و المستثمرين الأجانب عملاء و مصاصي دماء بينما نرى في الوقت نفسه أننا عباقرة الكون و لا نحتاج الي أي خبرات أجنبية. وهنا أسأل وزير الإستثمار السؤال الشهيرللراحلة القديرة ماري منيب : إنت جاية هنا إشتغلي ايه؟
أين وزير الصناعة و التجارة؟ الذي يجب أن يدرك أن خفض الاستيراد و تعطيله سيتسبب في مشاكل هائلة للتجار و الشركات التي تعمل في مجال الاستيراد و التوزيع فهذه الشركات كونت علي مدار سنوات عديدة علاقات تجارية مع موردينها في الخارج وفتحت أسواقاً من خلال الدعاية و الاعلان و العلاقات و وظفت موظفين و عمالة في مجالات مختلفة، بيع، تسويق، صيانة، تركيب، وحسابات وفتحت محلات و مراكز تجارية و لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يترك وزير التجارة و الصناعة كل هؤلاء في ظلام المعلومات الناقصة و الإجراءات غير المفهومة بدون أن يشرح لهم ما هي خطته قصيرة المدى وعلى المدى البعيد حتي لا نفاجأ في هذا العام أن عشرات من الشركات تعلن إفلاسها ويتسرب موظفيها ليقفوا في طابور العاطلين! يا سيادة الوزير .. آنت جاية هنا إشتغلي ايه؟
أين وزير الحكم المحلي؟ في ظل سياسة التقشف اللازمة أليس من الواجب علي الوزير أن يضرب بيد من حديد علي كل من يهدر المال العام في المحليات بسبب التسيب و الاستهتار؟ كم من الفاقد الذي نراه علي الطرق و في مدننا و قرانا يمكن تحجيمه لوقف نزيف الخسائر. كم من الطرق يتم رصفها ثم فحتها من جديد بسبب استهتار وعدم كفاءة وغياب التنسيق بين الإدارات؟ كم من المواسير التي نقوم باستيرادها نقوم بتركيبها لنكتشف بعدها أنها ليست القطر المطلوب أو النوع المطلوب ثم نعيد تركيبها مراراً؟ كم من محطات المياه تم إنشاؤها، ثم نكتشف فسادها لأسباب فنية؟ كم من المباني تسقط قبل مرور ٥ سنوات؟ كم من الحدائق التي تهدر فيها المياه بسبب محبس عطلان أو حنفية مسروقة؟ كم من أكوام القمامة يتم حرقها بكل ما فيها من مواد بلاستيكية وسموم تقتل الناس، وتتزايد الإصابة بسرطان الرئة و ننفق على العلاج مبالغ طائلة ونستورد أدوية بالملايين؟ يا سيادة الوزير بصراحة .. آنت جاية هنا إشتغلي إيه؟
أين وزير النقل و المواصلات ؟ من الإهمال التام و المفزع في صيانة الأوتوبيسات الجديدة و عربات المترو المهلهلة بسبب الإهمال و عدم الصيانة و عدم مراقبة السائقين؟ أين هو من المطالبات المستمرة باستخدام الطاقة النظيفة مثل الكهرباء التي تقلل من أنبعاث الغازات السامة. أين سيادة الوزير من التنسيق مع رئيس هيئة الطرق و الكباري لإصلاح الطرق التي تتسبب في الحوادث و تدمير السيارات علي المطبات الطبيعية و الصناعية ليقوم صاحبها بإصلاحها بقطع غيار مستوردة؟ فكم من العملات الصعبة تهدر كل عام علي طرق مصر؟ أليس هذا البند وحده جدير بوقف اهدارالعملات الأجنبية؟ يا وزير النقل .. إنت جاية هنا إشتغلي إيه؟
أين وزير الزراعة؟ من إستراتيجية الزراعة ورؤية شاملة للزراعة المصرية يتم توزيعها على مساحة الأرض في مصر، واستخدام المياه من خلال وسائل الري الحديثة؟ أين هو من التنسيق مع وزير الحكم المحلي للعمل علي حماية الترع و المساقي من التلوث الصناعي و مياه الصرف الصحي حتي لا ننتج خضروات و زراعات مسمومة و غير صالحة؟ أين هو من ترشيد المزارعين ومساعدتهم على زراعة منتجات يمكن تصديرها و تسويقها لجذب العملات الصعبة؟ لماذا نسمع دائماً أن منتجات مصر الزراعية تم رفض دخولها في بعض الأسواق العالمية بسبب عدم صلاحيتها؟ اليس هذا هو الفساد الذي يضيع على مصر الملايين من العملة الصعبة؟ أين سيادة الوزير من إعادة زراعة القطن طويل التيلة الذي كان يجلب لمصر عملات صعبة؟ أين هو من حماية المياه الجوفية التي أصبحت سداح مداح للجميع حيث كل من هب ودب يدق بئرا جوفيا بدون أي دراسات بيئية؟ الا يستطيع هذا الوزير بقليل من التفكير والفكر والمجهود أن يعظم أيرادات مصر؟ يا وزير الزراعة .. انت جاية هنا إشتغلي ايه؟
أين رئيس الوزراء؟ من مناقشة كل وزرائه ومحاسبتهم عن اهدار العملات الصعبة لمساعدة محافظ البنك المركزي و للتضامن مع المواطن الذي يدفع وحده الفاتورة دائما؟ أين هو من إبتكار طرق خارج الصندوق لزيادة ايرادات البلد من العملة الأجنبية؟ لماذا لا يفتح المجال كما فعلت بعض الدول الأروبية أمام من يريد الإقامة في مصرعن طريق الاستثمار المباشر؟ فما هو الضرر لو فتحنا المجال أمام من يريد الإقامة من أجانب و عرب مقابل ٥٠٠ ألف دولار تدخل البلد و في حالة إستثمارها وخلق وظائف جديدة يحصل هذا المستثمر بالحصول علي الجنسية المصرية بعد ٥ سنوات؟ ما هو الضرر؟ إذا أتي لمصر فقط ١٠٠٠ من هؤلاء كل سنة يعني نصف مليار دولار غير المزايا الإضافية التي تعود على الدولة من توفير الوظائف و دفع الضرائب وإلخ؟ أين رئيس الوزراء من الضغط علي وزرائه لفتح الأبواب أمام المستثمرين و لخلق المناخ المناسب والجاذب للاستثمار؟ يا رئيس الوزراء .. جاية هنا إشتغلي إيه؟
أين رئيس الجمهورية؟ من هذه العقول الحجرية التي تخشى التفكير والابتكار، لماذا لا يفرض عليهم ضرورة اللجوء للخبراء والمبدعين وأصحاب الأفكار غير التقليدية والحلول من خارج البيروقراطية المصرية العقيمة؟ ولماذا لا يرفض الرئيس المشاريع الضخمة غير المدروسة جيداً والتي لا تحقق عائداً سريعاً؟!
إن المواطن المصري أثبتت قدرته الخرافية على الصبر والتحمل ولكن أما آن الآوان أن تتوقف الحكومة عن إهدار المال العام ووقف نزيف الخسائر والاستثمار الأمثل لموارد الدولة؟!
إن توفير العملات الصعبة لا يكون من خلال خنق التجارة و الاستيراد و لكن من خلال تعظيم الموارد ونحن نملك ملايين الطرق للوصول إلى هذا الهدف بدون أن نلقي بالمسؤولية كاملة علي أكتاف محافظ البنك المركزي!!