المحليات.. المحليات .. من هنا يبدأ التغيير

عندما قامت ثورة ٢٥ يناير، قلنا أن أي تغيير حقيقي في مصر يجب أن يبدأ من المحليات  الدعوة تبنتها أحزاب ومؤتمرات وأقلام كتاب، ولكن .. لا حياة لمن تنادي. وعندما قفز الاخوان في غفلة من الزمان إلى حكم مصر بدأوا "خطة التمكين" لتغيير هوية مصر من المحليات، وعندما  غار الإخوان في ستين داهية وجاءت ثورة ٣٠ يونيو، وعادت الدعوة الملحة من جديد وصرخنا .. ياحكومة .. ابدأي التغيير من المحليات،ولكن لا حياة لمن تنادي! التغيير الجذري في المحليات يعني حلولا جذرية وعملية للفوضى والعشوائيات في مصر، في الشوارع، والبناء والعمارة، والميكروباص والتوك توك، ونظافة المدن وسلوكيات البشر! والمؤكد أن أي تغيير لن يحدث بالحلول الأمنية، الحل في تغيير مفهوم الدولة للمحليات ولدورها ولنوعية القيادات المحلية ومدى كفاءتها وأسلوب إدارتها، وكيف نختارها، وكيف نمنع من البداية وقوعها فريسة لمافيا الفساد المنتشر في المحليات.
إن تغيير المحليات إستحقاق شعبي جوهري وأعتقد أنه أهم من الاستحقاق الثالث (برلمان مصر) الذي انشغل به الجميع وكأنه فصل الختام في الحياة السياسية المصرية والحقيقة أن مصر لن تكون فيها سياسة حقيقية أو إصلاح حقيقي أو مشاركة في صنع القرار أو انتخابات نزيهة او اقبال على الصناديق أو مستقبل لدولة مصرية عصرية ديموقراطية وحديثة بدون تغيير شامل في عملية التحديث الشاملة للدولة المصرية.
وبدلا من نظرية "شالوا ألدو وجابوا زيزو" والاكتفاء بتغيير الوجوه والوزراء المسئولين عن المحليات أتصور أن أي تغيير يجب أن يبدأ من هنا:
أولاً: تصغير الحيز الجغرافي لمعظم المحافظات، فلا يعقل أن محافظة القاهرة التي يتجاوز حجمها حجم بعض الدول ويسكنها أكثر من 18 مليون نسمة تظل وحدة إدارية واحدة فلابد أن تنقسم إلى محافظات.
ثانياً: تمكين المحافظات في حدودها وإعطاءها الصلاحيات والسلطات كاملة وعدم التدخل المركزي في شئونها الأساسية مثل .. الرسوم والضرائب والبناء .. إلخ، وذلك في إطار السياسات والقواعد والقوانين العامة للدولة.
ثالثاً: إختيار رؤساء الأحياء من خلال "انترفيو" أمام لجنة خبراء يقدمون خلاله رؤيتهم وبرامجهم لإدارة الأحياء بروح عصرية وحلول جذرية مبتكرة لمشاكل الأحياء المزمنة وأهمها النظافة والعشوائيات والفوضى.
رابعاً: إلزام رؤساء المدن والأحياء بدراسة التجارب الأجنبية الناجمة في إدارة المدن  .. والتنسيق والتوأمة معها للاستفادة منها (بدون اتهامهم بالخيانة والعمالة!)
.. وهذه فقط بعض الأفكار المطروحة وكلها عملية وقابلة للتنفيذ، المهم أن تتوفر لدى الحكومة وأصحاب القرار إرادة الاصلاح والتغيير الحقيقي في مصر.

التعليقات