بعد لجوئهم "لأكل الدلافين".. إسرائيل تحذر أهالي غزة: "تسبب الوفاة"
في خضمّ حصار مميت ومعاناة يومية يعيشها قطاع غزة، تبرز قصص تستوقف العالم وتضعه في حيرة التوازن بين الحاجة المُلحّة للاستمرار على قيد الحياة وتجاوزات خطيرة تتعلق بالحياة البيئية والصحية.
ومن بين هذه القصص، انتشرت مشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص من غزة يصطادون الدلافين وأسماك القرش، وسط غضب إسرائيلي عبر وسائل الإعلام المختلفة وتحذيرات من علماء إسرائيليين من مخاطر تناول هذه الكائنات البحرية التي قد تحمل السموم داخلها وتسبب الوفاة.
في واقعة مثيرة للجدل، وثق مواطنان من قطاع غزة لحظة حملهما سمكة الدولفين وسمكة قرش صغيرة، وهما كائنان بحريان يمنع صيدهما أو تناولهما وفق القوانين الدولية والبيئية.
ونشر الفلسطيني "محمد الغفاري" على موقع التواصل الاجتماعي "إنستجرام" صورة لصيد الدولفين داخل القطاع، إذ أثارت الصورة اهتمام رواد شبكات التواصل، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه الصيادين بسبب الحصار وأوضاع الحرب.
تحذير إسرائيلي
ونقل موقع "ynet" العربي مقابلة مع الدكتور زيف تسيماح شامير، خبير الأبحاث البحرية بجامعة حيفا في دولة الاحتلال، قائلًا "إن تناول لحم الدلافين وأسماك القرش يحمل خطورة كبيرة على الصحة، وأن الدلافين التي تصل إلى الشاطئ غالبًا ما تكون مريضة أو في طريقها للموت، مما يجعل تناول لحمها أمرًا محفوفًا بالمخاطر".
وأضاف الموقع العبري منتقدًا محاولة الفلسطينيين سد رمقهم لمحاولة الحفاظ على حياتهم بتناول هذه الكائنات: "إن هذه الكائنات تعتبر آكلة لحوم علوية تعيش لسنوات طويلة، ما يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من المعادن الثقيلة والسموم في أجسادها، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري".
وبحسب الخبير الإسرائيلي، فإن دلافين "الستينيلا المخطط"، وهو النوع الذي تم اصطياده في غزة، تعدّ من الكائنات الحساسة التي لا تقترب من السواحل إلا إذا كانت مريضة أو على وشك الموت، ورجّح أن الدلفين الذي ظهر في الصور قد انجرف بفعل التيارات إلى شواطئ غزة نتيجة مرضه.
وأضاف متناسيًا الحصار الإسرائيلي المميت المفروض على غزة: "للأسف، في قطاع غزة لا تُحترم قوانين حماية الأنواع المهددة بالانقراض، مما يؤدي إلى استغلال مثل هذه الحيوانات سواء بالصيد أو الاستهلاك الغذائي".
إلى جانب المخاطر الصحية، حذر الخبراء الإسرائيليون من تأثير الصيد العشوائي لهذه الكائنات على التوازن البيئي، وأوضح "شامير" أن اصطياد أسماك القرش والدلافين قد يؤدي إلى اختلالات كبيرة في النظام البيئي البحري، مشيرًا إلى أن هذه الكائنات تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على توازن السلاسل الغذائية في البحار.
لم تتوقف القضية عند حدّ الصيد، بل زاد الجدل في دولة الاحتلال اشتعالًا عندما نشر الناشط الفلسطيني محمود زكي العمودي صورًا عبر حسابه على إنستجرام، حيث ظهر وهو يحمل سمكة قرش صغيرة.
وبرر بعض سكان غزة هذه الأفعال بأن الظروف التي يعيشونها لا تترك لهم خيارًا سوى استغلال كل الموارد المتاحة. وفي منشور آخر، ألقى أحدهم باللوم على الاحتلال الإسرائيلي في منع الصيادين من ممارسة عملهم بحرية، معتبرًا أن ذلك يدفع السكان للبحث عن بدائل للبقاء.
أزمة الغذاء وحصار غزة
الحصار الإسرائيلي المشدد والقصف المتواصل على قطاع غزة أديا إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية، وفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تتجاوز 1000%، كما أن عدد شاحنات الإمدادات التي تدخل القطاع تقلص إلى 76 شاحنة يوميًا، ديسمبر الماضي، وهو أقل من سدس الرقم اليومي قبل الحرب.
ونتيجة لذلك، اضطرت منظمات الإغاثة إلى إعطاء الأولوية لتوفير الغذاء على حساب مواد الإيواء، ما جعل الأسر تواجه ظروفًا معيشية قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
ظروف إنسانية كارثية
على الرغم من الانتقادات الواسعة، يواجه سكان غزة ظروفًا إنسانية كارثية، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 95% من سكان القطاع نزحوا، بينما يعيش مئات الآلاف بلا مأوى أو طعام كافٍ. وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن العدوان الإسرائيلي أسفر عن 45.436 شهيدًا، بينهم أطفال ونساء.
وأغلق العديد من منظمات الإغاثة الدولية، مثل منظمة المطبخ المركزي العالمي، عملياتها في القطاع بسبب استهداف موظفيها، ما فاقم من معاناة السكان.
وتجعل الظروف التي يعيشها سكان غزة الخيارات الأخلاقية صعبة، وفي ظل انتشار الجوع وفقدان الأمل، يصبح صيد الحيوانات المحمية خيارًا لا مفر منه للبعض، ومع ذلك فإن هذه الممارسات تسلط الضوء على الحاجة إلى تدخل دولي لإنهاء الحصار وتحقيق العدالة الإنسانية والبيئية.
46 ألف شهيد في مجازر الاحتلال
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 46006 شهداء، و109.378 مصابًا، منذ السابع من أكتوبر 2023، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وأشارت إلى أن آلاف الضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.