"كابوس بات حقيقة".. نزوح جديد للفلسطينيين بين الخوف والغضب

استفاق سكان عزة على كابوس جديد مع قصف جيش الاحتلال لمدينة خان يونس، وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، ما دفعهم للنزوح مرة أخرى، بسبب موجة من الغارات الجوية، التي أنهت قرابة شهرين من الهدوء في القطاع المدمر.

وفي نزوح جديد هربًا من قصف طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي أسفرت عن أكثر من 400 شهيد، وعشرات المصابين، لم يجد الفلسطينيون في خان يونس أمامهم خيارًا آخر سوى النزوح.

وفي غضون ساعات، ارتفع عدد شهداء القصف إلى أكثر من 400 شهيد، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية، ليصل إلى ما يقرب من 49 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين منذ 15 شهرًا، وأفادت الطواقم الطبية في غزة بوجود العديد من النساء والأطفال بين ضحايا، الثلاثاء.

كغيره من سكان غزة، قال شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، من قرية قرب مدينة خان يونس الجنوبية، لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، إنه استيقظ نحو الثانية فجرًا على أصوات الطائرات الحربية والانفجارات والصراخ، مضيفًا: "كان ذلك كابوسًا".

ونحو الساعة الخامسة صباحًا، سمع نبأ استشهاد صديق له كان يلعب معه الكرة الطائرة، قبل يوم، وفي هذا الصدد، قال: "لم أستطع تمالك نفسي وانهمرت في البكاء، ذهبت إلى المقبرة لأودع صديقي، وكانت المشاهد هناك مفجعة".

"مشاعرنا لا توصف بين غضب، إرهاق، قلق، خوف، رعب، وحزن، نشعر وكأن ثقل الدنيا علينا"، هكذا يصف رحلة نزوحه، مضيفًا: "بدأت أنا وعائلتي في التحرك مرة أخرى، بعد أن نزحنا للمرة العاشرة بعد أوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وجمعنا بعض الملابس، وليس لدينا ما يكفي من الطعام أو الغاز، قاصدين منزل شقيقتي".

وتصف تسنيم، طالبة تبلغ من العمر 26 عامًا من خان يونس - نزحت مرتين خلال الحرب - الأحداث التي جرت بعد القصف الإسرائيلي، قائلة: "منذ الصباح الباكر، اكتظت الشوارع بالنازحين، وجوههم شاحبة، وعيونهم مليئة بالخوف والإرهاق، لا يعرفون إلى أين سيذهبون أو إن كانوا سيجدون مأوى آمنًا هذه المرة".

وحاولت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، نقل جانب من معاناة الفلسطينيين مع تجدد القصف الإسرائيلي، إذ سلطت الضوء على ماجد ناصر، الذي كان نائمًا مع عائلته، عندما سقطت القنابل على غزة، فجر الثلاثاء، ما أدى إلى إشعال النار في مخيم مترامي الأطراف بمدينة خان يونس الجنوبية، واستهداف ملجأ التابعين في مدينة غزة، بحسب "أسوشيتد برس".

وقال: "خرجتُ لأرى مكان القصف، وفجأة وقعت الضربة الثانية في الغرفة المجاورة لنا، سمعت صراخًا، أمي وأختي تصرخان طلبًا للمساعدة، دخلت الغرفة ووجدت الأطفال تحت الأنقاض، كان الجميع مصابين، لكنهم على قيد الحياة".

وحاول الفلسطينيون انتشالهم من بين الأنقاض بأيديهم العارية، وصل الآباء المستشفيات حُفاة، يحملون أطفالهم الذين كانوا مترهلين ومغطين بالرماد، امتلأت الشوارع والمستشفيات بالجثث.

وقال مسؤولون في منظمات الإغاثة، إن نحو 65 ألف شخص تأثروا بأوامر الإخلاء، التي تشمل بلدة بيت حانون الشمالية والقرى الواقعة شرق خان يونس، وقد تشير الأوامر الجديدة إلى أن الهجمات البرية التي تشنها القوات الإسرائيلية باتت وشيكة، أو ربما تكون مصممة للضغط على قادة حماس.

وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن الضربات استهدفت فقط أهدافًا تابعة لحماس ومواقع الإطلاق ومخازن الأسلحة والبنية التحتية العسكرية.

ويحاول مسؤولو الإغاثة في غزة، تلبية احتياجات النازحين الجدد وعلاج مئات المصابين، حتى مع استمرار القصف المتقطع، وسط ضغوط كبيرة تعرضت لها منظمات الدفاع المدني والخدمات الصحية المحدودة، التي صمدت لـ15 شهرًا من الصراع قبل وقف إطلاق النار.

ومنعت إسرائيل دخول جميع الإمدادات الإنسانية والتجارية إلى غزة منذ انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه مع حماس، يناير 2025، قبل أكثر من أسبوعين.

وقال مسؤول إنساني كبير في مدينة دير البلح بوسط القطاع: "يتم نقل المصابين على عربات تجرها الحمير لعدم توفر الوقود للسيارات، وتعاني المستشفيات نقصًا حادًا في الأدوية".

ودخل إلى غزة نحو 25 ألف شاحنة محملة بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية ومنتجات النظافة والخيام وغيرها من الإمدادات، خلال الأسابيع الستة بين سريان وقف إطلاق النار في منتصف يناير، والحصار الجديد قبل أسبوعين.

وقال مسؤولون في مجال الإغاثة، إن غزة قد تنزلق مرة أخرى إلى أزمة إنسانية حادة نتيجة لذلك، ومن المتوقع أن تنفد إمدادات المواد الغذائية الأساسية وغيرها من الضروريات في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، إذا لم تعيد إسرائيل فتح نقاط الدخول، وهو أمر غير مرجح ما لم يكن هناك اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.

وأعادت حماس 25 محتجزًا ورفات 8 آخرين إلى إسرائيل، خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، مقابل 1900 فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية.

وتتبادل حماس وإسرائيل الاتهامات بشأن انتهاء وقف إطلاق النار، الذي بدأ منتصف يناير الماضي، مع المرحلة الأولى من اتفاق ثلاثي المراحل، وتقول حماس إن إسرائيل انتهكت الاتفاق بتنصلها من التزامها بالانتقال إلى مرحلة ثانية، التي كان من المفترض أن تؤدي إلى إنهاء دائم للحرب.

وقالت إسرائيل إن حماس رفضت إطلاق سراح المزيد من المحتجزين أو الموافقة على اقتراح جديد، لتمديد وقف إطلاق النار لعدة أسابيع.

 

التعليقات